يمكن اعتدنا القصة من كتر ما سمعناها...لكن
لو وقفنا للحظات علشان نفكر في اللي حصل...أيه ده؟؟
حاجة مذلهة...تخيلوا الحيتان اللي بنشوفها فجأة تطلع للحظات بجزء من جسمها المهول خارج المياه ثم تعود لتختفي مرة أخرى حيث لا نراها ولا نشعر بها في مكان لا يعلمه إلا الله...تخيلوا إن كان في بشر حي جوة بطن الكائن الرهيب ده
مش هو ده بس اللي انا بتكلم عليه....في حاجة تانية
تخيلوا إن الكائن ده لما يطلع بجسمه في منتصف ليلة مظلمة لا قمر فيها ولا حتى هلال.....حد هيحس بالكائن ده؟؟
فما بالك بالإنسان الحي جواه....
فما بالك إذا كان الحوت ده بقى في أعمال أعماق البحر المظلم في نفس التوقيت من الليل المظلم....فى أكتر من كدة ضلمة؟؟!!
.متهيألي ده أبشع ((مطب)) ممكن البني آدم يقابله في حياته
عايز تقول أيه يعني؟؟
عايز أقول إنى لاحظت حاجة غريبة جدا في سلوك النبي يونس في التعامل مع أزمة زي دي
وكيف إنه استطاع بنفسية مشرقة , وروح متفائلة أن يستدعي كل أسبابي الخروج من أفظع أزمة بالرغم من إنها بصراحة....مش باينلها خروج ولا فرج...نهائيا
ما قررش إنه يرفع الراية البيضاء, وما استسلمش لأزمة لا يمكن يتخيل بني آدم إنها تنفرج, وفكر في وسيلة للنجاة بدل ما يقعد يحسب اللحظات اللي باقية على نهايته هو
وبهذي الطريقة فإن يونس قد أحال كل مظاهر اليأس والإحباط إلى صورة إيجابية وبيئة مناسبة لانطلاق أسباب الخروووج من الأزمة.
غريبة جدا...فعلا غريبة
انطلقت من أعماق نفسه كلمة عظيمة تدل على إيمان أعمق من البحر اللي نزل فيه الحوت...وكان متأكد إن الله وحده هو القادر على إخراجه منها فانطلق لسانه دون تكلف ليعلن أمام الله خضوعه واستسلامه له
"فنادى فى الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
...................
كتير بيتعرض الواحد فينا في طريق حياته لأزمة مضلمة ((مطبات زي ما اتفقنا))
وساعات الضلمة بتجيب آخرها فتوصلنا لحالة من اليأس والاستسلام ينجح فيها الشيطان إنه يصورلنا إنه فعلا مفيش فايدة.....وسواء كانت مشاكلنا في حياتنا كبيرة او صغيرة إلا أنها بالظبط زي الضلمة سواء كانت ضلمة عالآخر أو ضلمة بنت حلال كدة خفيفة.
وده اللي مخليني أربط بينها وبين ضلمة بطن الحوت في الليل المظلم....أهي كلها ضلمة في ضلمة
لكن الفرق
في شكل تعاملنا إحنا مع الأزمة (الضلمة)...هل كان مشابه لتعامل نبي الله يونس...ولا تعاملنا بيبقى أقرب لانتظار الفرج أو النهاية (عُك وربك يفُك) دون التفكير في وسيلة الخروج.....ولا أيه؟!!
أظن إن سلوك نبي الله يونس كان مدرسة في فقه التعامل مع الأزمة , وقوة الأمل, والتفاؤل الرهيب بإمكانية النجاح وعبور الأزمة...لكن بشرط واحد
اللجوء في الأول والآخر للركن الشديد الوحيد القادر على إخراج العبد الفقير من أي ظلمة تقابله...طبعا دون إغفال الأخذ بأسباب الخروج من أي مطب يقابلنا...فندعو بمثلما دعا به يونس في أظلم الظلمات
"لا إله إلا أنت سبحانك.....إني كنت من الظالمين"